بقلم / طارق بدراوى
هو قصر للضيافة تم إنشاؤه في منطقة القلعة في عهد محمد علي باشا ليكون في الأساس مقرا لزوجته أمينة هانم عام 1229 هجرية الموافق عام 1814م وسماه بهذا الإسم لأنه الإسم الذى كان يدلل به زوجته وقد حرص
محمد علي باشا علي أن يتميز هذا القصر بجماليات الفن المعمارى وثراء التصميم فكان القصر غاية في الفخامة من حيث القاعات العديدة الواسعة وأشهرها قاعة الإستقبال وقاعة الساعات واللتان يعتبران أجمل مافى القصر إلى جانب الديكورات الفخمة والأثاث الفاخر والتحف والتماثيل الثمينة والزخارف العثمانية الخشبية أو الجصية الرائعة والنقوش والرسوم ذات الألوان البديعة وقد إستخدم محمد علي باشا في بنائه العديد من المهندسين والعمال الأجانب فكان منهم الروم والأتراك والبلغاريين والأرناؤوط …..
ويقع هذا القصر داخل أسوار قلعة صلاح الدين الأيوبي قرب مسجد محمد علي باشا في الطرف الجنوبي من الساحة الملكية المتواجدة بمنطقة القلعة وقد تعرض هذا القصر للحريق أكثر من مرة في عهد محمد علي باشا كان أولها عام 1235م الموافق عام 1819م وتم إعادة بنائه والمرة الثانية كانت في عام 1239 هجرية الموافق عام 1823م بسبب إحتراق مصنع البارود الذى كان قد أنشأه محمد علي بالقلعة والذى كان يسمى بالجبخانة واستدعى الأمر أن يستدعي محمد علي عمالا ومهندسين من خارج مصر عن طريق والي ولاية سالونيك ببلاد اليونان لإعادة بنائه وبالإضافة إلي ماسبق فقد تعرض أيضا هذا القصر للحريق بعد ذلك عدة مرات كان آخرها عام 1972م ووضعت هيئة الآثار المصرية خطة لإعادة القصر إلي سابق عهده سواء من الناحية المعمارية أو من حيث مايحتويه القصر من نقوش وزخارف وتحف وتم إعادة إفتتاحه عام 1983م في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك …..
وكما أسلفنا فإلي جانب تخصيص محمد علي هذا القصر لزوجته أمينة هانم فقد كان يستقبل قيه كبار ضيوفه من الزائرين الأجانب كما أن هذا القصر يرتبط بمذبحة المماليك الشهيرة التي دبرها محمد علي للتخلص من المماليك في شهر مارس عام 1811م حيث دعاهم فيه إلى وليمة وبعد خروجهم من القصر كان هناك كمين معد سلفا لهم وانهال عليهم الرصاص من كل جانب وقتل منهم حوالي 470 مملوك
وكان يستخدم هذا القصر أيضا خلفاؤه إبراهيم باشا وعباس باشا الأول ومحمد سعيد باشا ثم اخيرا حفيده الخديوى إسماعيل في نفس الغرض وكان ممن استقبلهم فيه الخديوى إسماعيل السلطان العثماني عبد العزيز خان الذى زار مصر أثناء فترة حكمه لمصر في شهر شوال عام 1279 هجرية الموافق شهر أبريل عام 1863م بدعوة منه لمدة 10 أيام وأقام في هذا القصر هو ومرافقوه لمدة أسبوع كامل
وكان الخديوى إسماعيل قد استقبله بالإسكندرية بعد وصوله عن طريق البحر واستقل معه القطار البخارى من الإسكندرية إلى القاهرة وأبهره القطار انبهارا شديدا حيث لم يكن قد تم مد خطوط السكك الحديدية بعد في تركيا وكان لهذه الزيارة تأثيرها الشديد علي السلطان عبد العزيز حيث وطدت وقوت العلاقة بينه وبين الخديوى إسماعيل فأصدر بعد ذلك عدد 3 فرمانات متتابعة أولها عام 1866م وثانيها عام 1867م وثالثها عام 1873م
منحت مصر الكثير من الإستقلال الذاتي وأعطت والي مصر لقب الخديوى وهي كلمة أصلها فارسي بمعني السيد أو الأمير ولم يحملها إلا ولاة مصر دون غيرهم من الولاة العثمانيين وقصرت وحددت ولاية العهد في ذرية الخديوى إسماعيل من بعده وتكريما له سمي الشارع الذى تم شقه في القاهرة من حي عابدين وحتي ميدان العتبة بإسم شارع عبد العزيز …..
وبخصوص التخطيط والتصميم المعمارى للقصر نجده يتكون من عدة عناصر أساسية تشملها طبقتين الطبقة الأولى منها تشمل المدخل الذى تقع أمامه مظلة محمولة علي أعمدة رخامية وعلي يساره توجد عدة أبنية تعلوها أبنية أخرى بسيطة في شكلها العام وتتصل بديوان يسمي ديوان الكتخدة أو سراى العدل التي أنشأها محمد علي وفي نهاية المدخل نجد حجرة مستطيلة لها سلم مزدوج يؤدى إلى قاعة كبيرة تسمي الميدان وكان هذا الجزء مخصصا لموظفي القصر أو ما كان يطلق عليهم ديوان الخاصة كما يؤدى المدخل أيضا إلى أسوار الساحة الجنوبية للقلعة وإلى مباني تخص جنود نوبات الحراسة وإلي الفناء الرئيسي بالقصر الذى تطل عليه وحداته وسقيفة بهو الإستقبال الرئيسي ووحدات القصر تشمل جناح الإستقبال الرئيسي وكان يسمى الكوشك وكان مخصصا لإستقبال ضيوف وزوار محمد علي ثم الإيوان الملحق به وقاعتين فرعيتين أصغر في المساحة بالإضافة إلي قاعة عرض الفرمانات أو العرش وهي أكبر حجرات القصر وتطل علي ميدان القلعة حاليا
وكان يرى منها القاهرة وأهرامات الجيزة في منظر بديع ويتصدر تلك القاعة كرسي الحكم الخاص لمحمد علي وهو كرسي خشبي مطلي بالذهب وتزين جدران القاعة صور أبناء محمد علي وأحفاده وصور الخديوى إسماعيل وأولاده وأحفاده ويؤدى بهو الإستقبال إلى سلم يؤدى بدوره إلى الجناح البحرى والحديقة الخلفية التي كانت تسمي حديقة الأسود وبالقصر أيضا قاعات أخرى هي قاعة الألبستر وهو نوع من أنواع الرخام وقاعة الساعات بالإضافة إلي الحمام الفخم الذى يعرف بإسم حمام الألبستر أما الطبقة الثانية فتعلو جناح الإستقبال ووحدات هذه الطبقة تلتف حول الفناء الرئيسي وتؤدى إلى جناح إستقبال الضيوف …..
وبخصوص الزخارف والنقوش التي تم إستخدامها في هذا القصر في الجدران والأسقف فأغلبها مذهب وهي عبارة عن أشكال نباتية وزهرية نفذت علي الطراز المعروف بإسم الباروك أو الروكوكو الذى يتميز بوحدات زخرفية متكررة وبالمناظر الطبيعية كما يوجد بهذا القصر رسومات تمثل وحدات الأسطول المصرى الذى بناه محمد علي ويتبقي لنا أن نذكر إن هذا القصر قد تحول الآن إلى متحف لمقنيات أسرة محمد علي والهدايا التي أهديت إليهم وبعض تذكاراتهم من أول محمد علي باشا رأس العائلة وحتي الملك فاروق اخر من حكم مصر من هذه الأسرة فعلى سبيل المثال من هذه التذكارات المعروضة به مفروشات وصالونات وأثاث وساعات أثرية وتحف ومرايا وتماثيل ونجف إلي جانب كوشة زفاف الملك فاروق والملكة ناريمان ومفروشات الحجرة التي أقامت بها الإمبراطورة الفرنسية أوجيني أثناء زيارتها لمصر لحضور إحتفالات إفتتاح قناة السويس للملاحة عام 1869م ونموذج من كسوة الكعبة الشريفة المشغولة بالذهب والفضة والتي كانت مصر تقوم بإرسالها سنويا إلي مكة المكرمة والتي كانت تصنع في دار كسوة الكعبة التي كان قد أنشأها محمد علي في حي الخرنفش بالقاهرة …..